من ذاكرة رمضان :
أحداث وقعت في رمضان في عهد الحبيب صلى الله عليه و سلم
- نزول الوحي و القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم وبدء الدعوة
الإسلامية وكان ذلك في يوم الإثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان.
- وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.
- إرسال سرية حمزة بن عبد المطلب و هي سرية سيف البحر.
- و في شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة و بالتحديد في يوم ( 17 ) كانت غزوة بدر الكبرى.
- وفاة رقية بنت الرسول الله صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه .
- نزلت براءة الطاهرة المطهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها من حديث الإفك.
- فتح مكة.
- عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك.
- زواج النبي صلى الله علية وسلم بزينب بنت خزيمة بنت الحارث ، أم المساكين.
غزوة بدر الكبرى 2هـ
كانت قريش قد صادرت أموال المهاجرين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
، وتربصت للنيل منهم بكل وسيلة ، إمعاناً في الصد عن سبيل الله وإيذاء
المؤمنين ، فأراد المهاجرون إضعافها والضغط عليها من خلال التعرض لقوافلها
التجارية التي تمر بالقرب من المدينة في طريقها إلى الشام ، وكان المسلمون
قد علموا أن قافلة كبيرة يحرسها ثلاثون رجلاً - كانت تحمل أموالاً عظيمة
لقريش - في طريقها من الشام إلى مكة - وأنها ستمر بهم ، فندب الرسول - صلى
الله عليه وسلم - أصحابه للخروج لأخذها ، فخرج ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً ،
معهم سبعون بعيراً يتعاقبون على ركوبها ، لكنهم أرادوا شيئا وأراد الله
غيره قال سبحانه : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ
أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ
لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ
دَابِرَ الْكَافِرِينَ } (لأنفال 7) .
ولما بلغ أبا سفيان - الذي كان يقود القافلة القرشية - خبر خروج المسلمين
, سلك بها طريق الساحل , وأرسل يطلب النجدة ويستنفر قريش , فخرجت قريش
بقضِّها وقضيضها ، ولم يتخلف من فرسانها ورجالها إلا القليل , ومن تخلَّف
منهم أرسل بدله رجلاً ، حتى بلغ جيش قريش ألف مقاتل معهم القيان يضربن
بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين ، ولما بلغوا الجحفة علموا بنجاة القافلة ,
فأصروا على المضي ومقاتلة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بطراً ورئاء
الناس فقال أبو جهل لعنه الله : " والله لا نرجع حتى نقدم بدْراً فنقيم
بها ونطعم من حضرنا ، وتخافنا العرب " .
وكان المسلمون قد وصلوا إلى بدر وعلموا بنجاة القافلة وقدوم جيش المشركين
، فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، وكان يهمه معرفة رأي
الأنصار على وجه الخصوص لأنهم كانوا قد بايعوه على الدفاع عنه داخل
المدينة ، ولم يبايعوه على القتال خارجها ، فوقف المقداد بن عمرو من
المهاجرين وقال : " يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك , والله لا
نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا
قاعدون " , ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فو الذي بعثك
بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد - مكان باليمن - لجالدنا معك من دونه حتى
تبلغه " ، وقام سعد بن معاذ - زعيم الأوس - فقال : " والله لكأنك تريدنا
يا رسول الله ؟ قال : أجل ، قال : فإنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما
جئت به هو الحق , وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك
، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت
بنا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا
عدونا غداً ، إنا لصبر في الحرب ، صدق عند اللقاء ، لعل الله يريك منا ما
تقر به عينك , فسِر على بركة الله " .
فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتماعهم على القتال بدأ بتنظيم
الجيش ، فأعطى اللواء الأبيض مصعب بن عمير , وأعطى رايتين سوداوين لعلي و
سعد بن معاذ رضي الله عنهما ، وترك المسلمون مياه بدر وراءهم لئلا يستفيد
منها المشركون.
وقبيل المعركة ، أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى مكان مصارع جماعة من
زعماء قريش ، فما تحرك أحدهم عن موضع يد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
، وأنزل الله تعالى في هذه الليلة مطراً طهر به المؤمنين وثبت به الأرض
تحت أقدامهم ، وجعله وبالاً شديدًا على المشركين .
وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلته تلك , فكان يصلي إلى شجرة ،
فلم يزل يدعو ربه ويتضرع حتى أصبح ، وكان من دعائه : " اللهم أنجز لي ما
وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ، اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد بعدها
في الأرض " فما زال يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر ،
فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله
كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك " .
وفي صبيحة يوم السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة , رتب صلى الله عليه
وسلم الجيش في صفوف كصفوف الصلاة ، وبدأ القتال بين الفريقين بمبارزات
فردية ثم كان الهجوم والتحام الصفوف ، وأمد الله المسلمين بمدد من
الملائكة قال تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ
لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ،
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ
...} ( لأنفال 9 - 10 ) ، ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم
.
وكانت نتيجة المعركة مقتل عدد من زعماء المشركين منهم أبو جهل عمرو بن
هشام , وأمية بن خلف ، والعاص بن هشام ، وبلغ عدد قتلى المشركين يومئذ
سبعين رجلاً , وأسر منهم سبعون , وفر من تبقى من المشركين تاركين غنائم
كثيرة في ميدان المعركة , وأقام - صلى الله عليه وسلم - ببدر ثلاثة أيام ،
ودَفن شهداء المسلمين فيها , وهم أربعة عشر شهيداً ، وقد تمت مفاداة
الأسرى بالمال , فعاتب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - لقبوله
الفداء .
لقد كانت موقعة بدر من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام , ولذا سماها
الله تعالى في كتابه بـ "يوم الفرقان" لأنه فرق بها بين الحق والباطل ,
وكان لها أعظم الأثر في إعلاء شأن الإسلام وإعزاز المسلمين .